الجغرافيا «تُقيد» الغرب في أوكرانيا.. وتوقعات متضاربة حول «مودي» ما هو الخطأ الذي ارتكبه ضباط قاعدة «مالمستورم» للصواريخ البالستية النووية في ولاية مونتانا؟ وهل ينقذ مرشح حزب "بهاراتيا جناتا" الهندوسي الاقتصاد الهندي؟ وكيف تلعب الجغرافيا دوراً في تحجيم التدخل الغربي في الأزمة الأوكرانية؟ تساؤلات نضع إجاباتها تحت الضوء ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية. فضيحة «مالمستورم» أول أمس الاثنين، وتحت عنوان «عبء الصواريخ»، نشرت «واشنطن بوست» افتتاحية، استهلتها بالقول إنه قبل التحاق الضباط بوحدات الصواريخ البالستية عابرة القارات، يدرسون في فصول دراسة ويتدربون على أجهزة محاكاة. هؤلاء يتعلمون طرق تشغيل أنظمة التسليح، ويدرسون الشفرة الصاروخية اللازمة للتعامل مع أوامر الحرب الطارئة. وطوال عقود، أحاطت الألغاز بالضباط العاملين في هذه الوحدات، فهم كانوا ضمن الخطوط الأمامية في الحرب الباردة. وبعضهم يتلقى أوامر مشفرة من الرئيس، ويقوم بتشغيل أجهزة إطلاق الصواريخ البالستية المحملة برؤوس نووية. هذا اللغز تم التشويش عليه بعدما تم الكشف عن حالات غش ارتكبها الضباط في جناح الصواريخ بقاعدة «مالمستورم» الجوية بولاية مونتانا. هذه القاعدة تضم 150 صاروخاً باليستياً عابراً للقارات، أي ما يعادل ثلث القوة الصاروخية الأرضية التي تمتلكها الولايات المتحدة. وكل شهر يتعين على الضباط اجتياز اختبار من 20 إلى 30 سؤالاً تتمحور جميعها حول ثلاثة موضوعات، أنظمة التسلح، و التعامل مع الشفرات، أوامر الحرب الطارئة، بشرط أن يحصل الضابط على درجة 90 في المئة كحد أدنى للنجاح في الاختبار. وقد تم تسريب إجابات عن هذه الأسئلة عبر الهواتف الذكية، وتورط فيها 79 ضابطا في الوحدة المشار إليها. عملية الغش غير مقبولة، ما اضطر القائمين على القاعدة الجوية بفصل 8 ضباط، وإصدار عقوبات تأديبية بحق العشرات من صغار الضباط. وزير القوات الجوية الأميركي «دبيورا لي جيمس» اعترف بوجود اضطراب أخلاقي أدى إلى وقوع عملية الغش في قاعدة «مالمستورم». وهناك من يلقي باللائمة على عيب في ما يتم وصفه بـ«الثقافة النووية» القائمة على فكرة مثالية تتعلق بالتخلص الكامل من أي خطأ بشري في مشروع أميركا النووي. وما دفع الضباط إلى الغش، هو خوفهم من فقدان وظائفهم ما لم يحصلوا على 100 في المئة من درجات الاختبار الشهري، طريقة الغش كانت رسائل نصية تلقوها من زملائهم. هذا السلوك قد يكون له تداعيات سلبية على مسارهم في سلك العسكرية، الأسلحة النووية صُممت بحيث يتم إطلاقها بسرعة فائقة، وبالتحديد بعد أربعة دقائق من تلقى أوامر الإطلاق من الرئيس الأميركي، وهذا جاء في إطار الحرب الباردة كأداة لردع الاتحاد السوفييتي السابق، لكن هذا الأخير تم تفكيكه، ومع ذلك لا تزال بعض الصواريخ الأميركية في حالة تأهب، وحتى الرئيس أوباما الذي وعد إبان حملته الانتخابية في عام 2008 بإنهاء هذا الاستنفار غيّر رأيه ولم يفعل شيئاً. الصحيفة أبدت امتنانها لعدم إطلاق أي من هذه الصواريخ، حيث تحقق عامل الردع من خلال تجهيز هذه الصواريخ للإطلاق. وطالما أن الولايات المتحدة لديها أسلحة نووية، فإن عليها ألا تهمل عناصرها البشرية التي تتعامل مع هذه الأسلحة، وفضيحة الغش في قاعدة «مالمستورم» تشي بالحاجة إلى مسؤولين فاعلين لتشغيل الترسانة النووية الأميركية. طموحات «مودي» تحت عنوان «مودي لابد وأن يبني على نجاحاته وليس شعاراته» نشرت «واشنطن بوست» يوم أمس افتتاحية، رأت خلالها أن أكبر انتخابات ديمقراطية في العالم، بدأت أول أمس في الهند، والنتيجة بات من السهل توقعها، فاستطلاعات الرأي كشفت أن حزب «بهاراتيا جناتا» وزعيمه قد حقق مكاسب على حساب حزب «المؤتمر» الحاكم، وذلك بمعدل 3 لمصلحة «بهاراتيا» مقابل واحد لـ«المؤتمر»، عدد من يحق لهم التصويت في هذا الاستحقاق البرلماني يبلغ 800 مليون نسمة، وهؤلاء سيصوتون خلال الأسابيع الخمسة المقبلة. «ناريندرا مودي» وعد بتغيرات كبيرة في الهند، التي عانت خلال العقد الماضي حكومة «مانموهان سنج» غير الفاعلة، كما أن «مودي» حصل على تأييد كبير في استطلاعات الرأي بسب إطلاقه وعداً تمثل في إدارة اقتصادية خالية من الفساد، ولأنه كان وزيراً في ولاية جوجارت فإنه نجح في إحراز نمو اقتصادي في الولاية خلال العقد المنصرم وصل إلى 10 في المئة، وهو معدل يفوق معدل النمو في الاقتصاد الهندي، حيث تمكن من تدشين مشروعات استثمارية ذكية في البنى التحتية وانتهج سياسات موائمة لرجال الأعمال وأبدى انفتاحه على رؤوس الأموال الأجنبية. الصحيفة رأت أن العملة الهندية ارتفع سعر صرفها، كما أن سوق الأسهم حقق صعوداً جراء احتمالات فوز «مودي» في الانتخابات وإمكانيه توليه منصب رئيس الوزراء. ويبدو أن الهند بحاجة إلى الدواء الذي سيقدمه مرشح «بهاراتيا جناتا». وحسب الصحيفة، ربما يكون «مودي» منفراً لمسلمي الهند وعلمانييها الليبراليين، وذلك على الرغم من جاذبيته لرجال الأعمال، وثمة انتقادات توجهها له مجموعات معنية بحقوق الإنسان بسبب انتماءه للحركة القومية الهندوسية، وسلوكه أثناء وبعد الاضطرابات المعادية للمسلمين في ولاية جوجارت عام 2002، والتي أودت بحياة 1000 مسلم. وحسب الصحيفة لم يفعل «مودي» شيئاً لإيقاف العنف آنذاك، واستغل المشاعر المعادية للمسلمين في حملته الانتخابية، وهذا جعل وزارة الخارجية الأميركية في عام 2005 ترفض منحه تأشيرة دخول الولايات المتحدة . «مودي» تخلي عن تصريحاته المعادية للمسلمين، لكنه لم يعتذر أو حتى يوضح ما حدث من عمليات عنف بولايته عام 2002، ولدى «مودي» سجل في معاداة الصحفيين، وهو مُقل في حواراته مع وسائل الإعلام. الجغرافيا والمصير في افتتاحيتها يوم الجمعة الماضي، وتحت عنوان جغرافية أوكرانيا والمصير نشرت "شيكاغو تريبيون" افتتاحية، رأت خلالها أن الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين يستطيعون فعل الكثير بالنيابة عن أوكرانيا ونزاعها الراهن مع روسيا، بمقدور واشنطن وحلفائها فرض عقوبات اقتصادية على موسكو، وزيادة الدعم العسكري لأوكرانيا، وتحذير بوتين من مغبة الإقدام على خطوات عدوانية أخرى، لكن أميركا وحلفاءها لا يستطيعون تغيير حقائق من بينها أن لدى أوكرانيا حدوداً طويلة ومنكشفة مع روسيا. وتشير الصحيفة إلى أنه عندما تقع دولة صغيرة بجوار أخرى أكبر وأكثر قوة، فإن على الأولى أن تقوم بمواءمات تذعن فيها لجارتها الكبيرة، ويبدو أن جغرافيا أوكرانيا تتحكم في مصيرها. ومنذ قرون بعيدة ظلت الأراضي الأوكرانية موضع صراع بين القوى الأوروبية لأن أوكرانيا ومعناها «الأراضي الحدودية» وكانت ممراً للجيوش الغازية، وضمن هذا الإطار، كتب «روبرت دي كابلان» في مجلة «تايم» مقالاً مفاده أن الجغرافيا جعلت من المستحيل بالنسبة لأوكرانيا إعادة توجيه نفسها صوب الغرب، وذلك رغم أن كثيراً من الأوكرانيين يرغبون في علاقات قوية مع الاتحاد الأوروبي. ومن الناحية التاريخية، فإن روسيا تظل قوة أرضية غير آمنة، كونها لاتتمتع بحواجز طبيعية تحول دون غزوها، وهذا ما تعرضت له على يد الفرنسيين والألمان والسويديين والليتوانيين والبولنديين، لذا من مصلحة روسيا انفصال القرم عن أوكرانيا. الجوار الأوكراني لروسيا يشكل في حد ذاته عقبة أمام أية قوة غربية تفكر في التدخل المباشر ضد موسكو. ففي أي حرب ضد الغرب تخوضها روسيا التي لديها نفوذ داخل أوكرانيا، ستتمتع موسكو بميزات هائلة تتمثل في الجغرافيا، حيث خطوط الإمداد القصيرة ووسائل الانتقال السهلة بالنسبة للقوات البرية والألفة الاجتماعية الكبيرة على طرفي الحدود الأوكرانية- الروسية. وحسب الصحيفة لدى بوتين مخاوف من أن سقوط ديكتاتور في كييف ستنتقل عدواه إلى روسيا وسيظهر تمرد مناوئ له. ويخشى بوتين أيضاً من أن تنضم أوكرانيا يوما ما إلى «الناتو» الحلف الذي تأسس لمواجهة الاتحاد السوفييتي السابق. الصين تعد هي الأخرى نموذجاً لخطر التواجد بجوار قوة كبرى لديها طموحات في الهيمنة الإقليمية، فبكين تطمح إلى السيطرة على جزر غير مأهولة مجاورة لها، علما بأن لدى كل من اليابان وفيتنام والفلبين مزاعم بملكية هذه الجزر. وحسب الصحيفة أمام الولايات المتحدة وحلفائها تحديات تتمثل في التأكد من أن لديها القوة العسكرية والاقتصادية اللازمة لمنع الدول الكبرى من التنمر على البلدان الأصغر والأضعف. إعداد: طه حسيب